هل تتسبب مزارع الألواح الشمسية في وقوع آثار مرتدة على المناخ!

في وقت بات يعد من الضروري فيه التوصل لحل يساعد على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة لكونها المتسبب الأساسي للاحتباس الحراري؛ تكاثفت الجهود الدولية لتطوير تقنيات بديلة لتوليد طاقة أنظف ومستدامة

برزت الطاقة الكهروضوئية الشمسية من بينها مؤخرا وشكلت جزءًا حيويًا من هذا التحول العالمي المكثف للطاقة

IRENA

ليس فقط ما تساهم به من خفض لانبعاثات الغازات الدفيئة هو ما أثار اهتمام المستثمرين لتطوير النماذج المبتكرة والتوسع في انشاء مزارع شمسية حول العالم فحسب، بل لأنها توفر الوصول للطاقة بأسعار معقولة حتى في مناطق نائية في العالم، بحيث انخفض سعر الطاقة متجاوزا سعر الوقود الأحفوري الهامشي بالمعايير العالمية حتى وصل ل IRENA) 0.0680 $ / kwh)

وبذلك أصبح بالإمكان التوسع أكثر في مشاريع المزارع الشمسية لتغطي ربع احتياجات الكهرباء العالمية بحلول منتصف القرن الحالي، لتصبح ثاني أكبر مصدر للجيل بعد الرياح حسب تقديرات خارطة طريق IRENA و لتحقيق ذلك ينبغي أن تصل السعة العالمية إلى 18 ضعف المستويات الحالية بحلول عام 2050.

معظم أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية تنتشر على الأسطح الصحراوية بسبب توفر الشمس الدائم ولأنها مسطحة وفسيحة، قد تصل مساحة الألواح الشمسية بها لمئات الكيلومترات، ك مزرعة بادلة الشمسية في الهند (160 كم2 )

تتوارد بعض الاقتراحات الدولية؛ استغلال جزء من الصحراء الكبرى لتركيب مزارع شمسية عملاقة لتوريد الطاقة الكهربائية لأوروبا كمرحلة أولية قبل أن تشمل العالم لاحقا، إلا أن هناك بعض المخاوف ظهرت بشأن تغيرات قد تطال المناخ العالمي بشأن تلك الخطوة، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار ردود الفعل المعقدة بين المجالات المتفاعلة لمناخ العالم ك الغلاف الجوي والمحيطات والأرض وأنظمتها البيئية قد ينجم عنها حدوث أثر جانبي مرتد على المناخ

الألواح الشمسية هي المكون الرئيسي في الأنظمة الشمسية المولدة للطاقة وتصنع من مواد شبه موصلة كالسيليكون تمتص الضوء من الشمس. والسيليكون بطبيعته لامع جدا، فمن أجل الاستفادة من الفوتونات ومنعها من الأنعكاس بعيدأ عن الخلية، يتم تطبيق طلاء داكن مضاد للانعكاس

وبينما تمتص الأسطح السوداء للألواح الشمسية معظم ضوء الشمس الذي يصل إليها، يتم تحويل جزء صغير (حوالي 17-20 بالمائة) من تلك الطاقة الواردة إلى كهرباء. يتم إرجاع الباقي إلى البيئة كحرارة.

تكمن المشكلة في أن الألواح تكون أكثر قتامة من الأرض التي تغطيها، ولها ألبيدو منخفض والالبيدو هو مقياس لمدى انعكاس ضوء الشمس على الأسطح. الرمل ، على سبيل المثال ، أكثر انعكاسًا من الألواح الشمسية ، وكذلك لديه ألبيدو أعلى لذا فإن مساحة شاسعة من الخلايا الشمسية ستمتص الكثير من الطاقة الإضافية وتنبعث منها على شكل حرارة، مما يسبب في احتباس حراري في تلك المنطقة ، و لتحقيق توازن ؛ سيتم إعادة توزيع الحرارة المنبعثة من منطقة بهذا الحجم عن طريق تدفق الهواء في الغلاف الجوي، ستطرأ تأثيرات محلية وربما عالمية

فحجم المنشآت اللازمة لإحداث تأثير في الطلب على الطاقة الأحفورية في العالم سيكون هائلاً ويتعدى الحالي ليشمل آلاف الكيلومترات المربعة

كشفت إحدى نماذج تغيرات المناخ التي أجريت عام 2018 ونشرت في موقع [science.org] أنه عندما يصل حجم المزرعة الشمسية إلى 20 في المائة من إجمالي مساحة الصحراء الكبرى شمال أفريقيا، فإنه بذلك يطلق حلقة من الآثار المرتدة السلبية قد تصل آثارها إلى غابات الأمازون المطيرة

تخلق الحرارة المنبعثة من الألواح الشمسية الداكنة (مقارنة بتربة الصحراء شديدة الانعكاس) فرقًا حادًا في درجات الحرارة بين الأرض والمحيطات، مما يؤدي في النهاية إلى خفض ضغط الهواء السطحي ويتسبب في ارتفاع الهواء الرطب وتكثيفه على هيئة قطرات المطر.

مع زيادة هطول الأمطار الموسمية، تنمو النباتات وتعكس الصحراء قدرًا أقل من طاقة الشمس، لأن النباتات تمتص الضوء بشكل أفضل من الرمال والتربة. مع وجود المزيد من النباتات، يتبخر المزيد من الماء، مما يخلق بيئة أكثر رطوبة مما يؤدي إلى انتشار الغطاء النباتي. كما حدث خلال الفترة الرطبة الأفريقية، التي انتهت قبل 5000 عام فقط.

وبذلك يمكن لمزرعة شمسية عملاقة تحويل واحدة من أكثر البيئات عدائية على وجه الأرض إلى واحة صالحة للسكن في نفس الوقت.  وتوليد طاقة وافرة لتلبية الطلب العالمي تبدو مثالية، أليس كذلك؟ ليس تماما

عند تغطية 20 في المائة من الصحراء بالمزارع الشمسية فإنه يرفع درجات الحرارة المحلية في الصحراء بمقدار 1.5 درجة مئوية، وفقًا للنموذج. بينما تبلغ الزيادة في درجة الحرارة 2.5 درجة مئوية عند تغطية بنسبة 50 في المائة

وينتشر هذا الاحترار في نهاية المطاف حول العالم عن طريق الغلاف الجوي وحركة المحيطات، مما يرفع متوسط ​​درجة حرارة العالم بمقدار 0.16 درجة مئوية، و0.39 درجة مئوية عند تغطية 50 بالمائة.

ولأن التغير في درجة الحرارة العالمية ليس موحدًا، ستغدو المناطق القطبية أكثر دفئًا من المناطق المدارية، لأن ذوبان الجليد البحري سيؤدي إلى إبراز المياه الداكنة التي تمتص المزيد من الطاقة الشمسية

النتائج تعدت التغيير في درجات الحرارة إلى التأثير أيضا على أنماط هطول الأمطار حول العالم، يعمل مصدر الحرارة الجديد الهائل في الصحراء على إعادة تنظيم دوران الهواء والمحيطات على مستوى العالم. النطاق الضيق للأمطار الغزيرة في المناطق المدارية، والذي يمثل أكثر من 30 في المائة من هطول الأمطار العالمي ويدعم الغابات المطيرة في الأمازون وحوض الكونغو، يتحول شمالًا. مما قد يتسبب في حدوث جفاف لمنطقة الأمازون حيث تقل نسبة الرطوبة القادمة من المحيط. وتقريبًا نفس كمية الأمطار الإضافية التي تسقط فوق الصحراء بسبب تأثيرات تعتيم السطح للألواح الشمسية ستُفقد من الأمازون.

من الأعلى أثر التغيير في درجة الحرارة ومعدل سقوط الأمطار عند 20 % من تغطية الصحراء الكبرى بالألواح الشمسية وفي الأسفل عند 50 %،   المصدر

يتنبأ النموذج أيضًا بمزيد من الأعاصير المدارية المتكررة التي تضرب سواحل أمريكا الشمالية وشرق آسيا.

أيضا يعتبر الغبار الصحراوي، الذي تحمله الرياح، مصدرًا حيويًا للعناصر الغذائية لمنطقة الأمازون والمحيط الأطلسي. لذا فإن الصحراء الأكثر خضرة يمكن أن يكون لها تأثير عالمي أكبر مما اقترحته الدراسة.

لاشك بأن هناك العديد من الفوائد المقترنة بإنشاء مزارع شمسية عملاقة تلبي الطلب العالمي والمتصاعد للطاقة العالمية لكن دراسات نظام الأرض تؤكد على أهمية النظر في الاستجابات المتعددة المقترنة للغلاف الجوي والمحيطات وسطح الأرض عند دراسة فوائدها ومخاطرها

وفكرة استغلال الطاقة الشمسية للتزود بطاقة مستدامة هي فكرة ذات بعد أخلاقي قد تصل منافعه للمناطق النائية التي لا تنعم بالكهرباء محليا وبنطاق فردي، أما على نطاق إقليمي أو دولي فيستحسن الاستعاضة ب وسائل أخرى لحصد الطاقة الشمسية غير الألواح الكهروضوئية كاستخدام المرايات العاكسة في تقنية الطاقة الشمسية المركزة أو الفرن الشمسي كيلا نضطر لمواجهة آثار سلبية مرتدة واردة الحدوث مستقبلا

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.